همدان
همدان عبر التاريخ
تعتبر مدينة همدان من أقدم مدن ايران حيث يرجع تاريخها إلى قرون عديدة قبل الميلاد وكانت تعتبر المصيف المثالي في عهد الماديين والهخامنشيين، كما عرفت باسم اكباتان أو هكمتانه (أي محل التجمع) في تاريخ اليونانيين القديم.
تعد همدان مهد الحضارة في منطقة الشرق إلى حد ان اسمها ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالأساطير. ولقد ذكر في الكتب التاريخية بأن قصراً باسم "سبع حصاره" لازال موجوداً وقائماً في هذه المدينة ويتكون من ألف غرفة يضاهي بذلك برج بابل العظيم.
ان موقع همدان الجغرافي الممتاز قد أثار منذ القدم اهتمام كل القوميات والدول المجاورة، مما أدى إلى تعرضها لهجمات متعددة، فقد هدمت للمرة الأولى في التاريخ على أيدي الاشوريين، وللمرة الثانية و الثالثة على يد المغول و تيمور، ثم هاجمها العثمانيون بعدد ذلك خلال القرون الأخيرة.
تتشرف همدان بكونها مهداً وبلداً لكبار الرجال و العلماء و أفاضلهم من أمثال عين القضاة الخواجة رشيد الدين فضل الله، أدهم همداني، باباطاهر عريان و بذلك نرى ان همدان حافظت على مكانتها واعتبارها مهداً لكبار الشعراء و العلماء و المفكرين قبل الاسلام وبعده.
محافظة همدان:
تقع هذه المحافظة غرب البلاد و تزيد مساحتها على (000/19) كيلومتراً مربعاً. و تمتاز محافظة همدان بوقوعها في منطقة جبلية جذابة و تحوي جبالاً شامخة تمتد على سفوحها المزارع و المراتع الخضراء و تعانق قممها الشامخة سماء زرقاء صافية، و تمتد بين جبالها وديان عامرة مسكونة و مصائف كثيرة فقمة (ألوند) تعتبر أعلى قمم جبال همدان قاطبة و يبلغ ارتفاعها 3572 متراً وان شهرتها التاريخية وما كتب عنها من أساطير لا تقل عن قمة دماوند شيئاً.
وتمتاز محافظة همدان كذلك بطقس بارد و شتاء طويل حيث تزين الثلوج الكثيفة قمم جبالها لفترة طويلة نسبياً لا تقل عن ثمانية أشهر في السنة، ولهذا تتمتع همدان بصيف معتدل للغاية حيث تزخر في هذا الفصل بطبيعة دائمة الخضرة و الروعة.
يبلغ عدد سكان همدان، بحسب الاحصاءات الأخيرة حوالي 000/450/1 نسمة، وتضم قوميات مختلفة و ثقافات متنوعة يدين كلهم بدين الاسلام و يختلفون في لغاتهم حسب اختلاف موقعهم الجغرافي.
يتوزع سكان المحافظة على ستة مدن هي: همدان (مركز المحافظة)، ملاير، نهاوند، تويسركان، كبودر آهنك، أسدآباد وما يتبعها من القرى.
- المناظر السياحية في همدان:
همدان مدينة مثالية للاصطياف، و يعود ذلك إلى جمال طبيعتها الذي يتمثل في سلسلة جبال ألوند وقممها المرتفعة ووديان (مرادبيك، وعباس آباد) التي تترك صوراً لا تنسى في ذهن المسافر. ويسترعي نظر الزائرين لهذه المدينة التاريخية القديمة آثار عديدة من العصور الماضية التي جعلت أكثرها على شكل أبحاث أثرية فوق رابية هكمتانه وتلة المصلى والتي تتحدث عن وجود القصور والقلاع والمدن القديمة من عصر حكم الماديين و الهخامنشيين. وهناك آثار أخرى اكتشفت مؤخراً منها الألواح و الصحون و الأدوات الذهبية و الفضية و التي تتزين بها في الوقت الحاضر المتاحف الكبرى و الأماكن الخاصة بجمع الآثار، وقد عرضت على مرأى من زائري هذه الأماكن، فعلى سبيل المثال: شير سنكي (الأسد الحجري)، و هو عبارة عن تمثال أسد كبير يعود إلى عهد الأشكانيين، ويقال أنه كانت لهذا الأسد لبوة معه.
- همدان اليوم
تقع مدينة همدان التي تمتد على سفح جبل ألوند على بُعد 336 كيلومتراً من العاصمة طهران، وتنتشر حول ميدان فسيح على هيئة النجم في وسط المدينة، الذي يحمل اسم الامام الخميني. وتتعشب من هذا الميدان الجميل الذي ما زال يحتفظ بهندسته المعمارية العريقة ستة شوارع تنطلق من مركز هذا الميدان و كأنها أجنحة لهذا النجم.
و قد توسعت مدينة همدان وعمرت كثيراً خلال السنوات الأخيرة مما جعلها تكتسي حلية جميلة وحديثة خرجت بها رويداً رويداً عن طرازها القديم. ولكن في جوانب هذه الشوارع الحديثة العريضة و الحدائق الجذابة الكبيرة لاتزال توجد أماكن قديمة تضمر في داخلها ذكريات الماضي العريق.
- مرقد أبوعلي سينا:
ويوجد في همدان أيضاً مرقد الطبيب و الحكيم الايراني المعروف أبوعلي سينا والذي تم تجديد بناء مرقده وقبة مناسبة له في عام 1375هـ.ق، واستوحيت هندسة هذه قبة الحكيم ابن سينا من برج قابوس بن وشمكير و يوجد في مكان مدفنه أيضاً مكتبة قيمة تحوي عدة نسخ خطية. أما في فناء المرقد، فتوجد مقبرة أبوالقاسم عارف، وهو شاعر عاش في أواخر عهد القاجاريين.
- الأغوار والكهوف:
ان همدان بحكم منطقتها الجبلية تكمن في ثناياها أغوار و كهوف رائعة و خلابة يعتبر أحدها وهو غار "علي صدر" من أروع وأجمل الأغوار في العالم و التي لا مثيل لها ولا نظير و له اسماً محلياً أيضاً فيسمّى "علي سرد" أو "علي سد" ويقع على مسافة 60 كليومتراً في الشمال الغربي للمدينة. ويتألف هذا الغار من بحيرة عظيمة تتشابك فيها مجموعة كبيرة من الدهاليز و السراديب و القاعات التي تمسح للزائرين بسياقة المراكب لمسافات طويلة و قد غمرت أرض الكهف بضعة أمتار من المياه الصافية، و زينت سقفها و جدرانها أحلى وأروع الاستالاكتيت والاستالاجميت وأحجار طبيعية مختلفة على هيئة حيوانات وأشياء متنوعة و جزر صغيرة و كبيرة.
وجدير بالذكر فانه لا أثر للحياة في هذه المغارة ولا في مياههما بسبب فقدان النور الطبيعي، ولكن قد توزعت في كل أرجائها أسلاك كهربائية لتوفير الاضاءة اللازمة للزائرين. يبلغ ارتفاع السقف في الكثير من القاعات أربعين متراً غير ان متوسطه لا يتجاوز الثمانية أمتار. و قد شكلت خدمات جليلة لسياقة المراكب و المراكب ذات الدواسات، بالاضافة إلى مرشدين وتأسيسات أخرى وضعت تحت تصرف السياح.
- بقاع مباركة:
ان أهالي همدان أناس ذوو إيمان راسخ واعتقاد قوي بالأماكن الدينية و البقاع المقدسة. لذا تنتشر في المدينة الكثير من المساجد و التكيات و مقابر لأبناء الأئمة المعصومين (إمامزادة) مثل ابن علي واسماعيل وعبدالله ومساكن الدراويش، حيث تقام مراسم التصوف خاصة بالصوفيين و تقام كذلك مراسم خاصة في المناسبات الاسلامية داخل المساجد.
- كتيبههاي كنجنامه (الكتابات القيمة):
لقد حفرت هذه الكتابات على ألواح حجرية في سفح جبل ألوند في انتهاء وادي عباس آباد الباهر تتعلق إحدى هذه الكتابات بداريوش والأخرى بخشايار شاه ويتضمن معناها السلام على "أهورا مزدا" (إله الزرادشتين) وذكر نسب الملكين مع دعاء لحفظ الوطن.
- كنبد علويان (قبة العلويين):
وهي من أهم الآثار الاسلامية في همدان وتعود إلى أواخر عهد السلجوقيين ويتشكل هذا البناء من أربعة أضلاع تناهت في أكنافه النقوش الفنية الرائعة باستعمال الكلس و الجص و قد دفن اثنان من العلويين في مغارة تقع في ثرى هذا البناء.
- برج قربان (برج الضحية):
وهو بناء يتكون من اثنى عشر ضلعاً من الفخار البسيط وقبة على شكل هرم يقع في القسم الشرقي للمدينة و يوجد في كهف هذا البناء قبر لرجل مجهول.
- مرقد باباطاهر عريان:
ان باباطاهر شاعر معروف شعره عذب، مرهف الحسس، لطيف الايقاع واللحن. وهذا الشاعر له ضريح في مدينة همدان حيث بني له مرقد لائق و جميل خلال السنوات الأخيرة في الجهة الواقعة (شمال غرب) لمدينة همدان.