المسيحية
للمسيحية في إيران تاريخ طويل، يعود إلى السنوات الأولى من تاريخ المسيحية. وعلى الرغم من قدم تاريخها في البلاد فقد كان دائما دين الأقلية، مع الديانات الدولة الرسميّة مثل الزرادشتية قبل الفتح الإسلامي، والإسلام السني في العصور الوسطى والإسلام الشيعي في العصر الحديث، على الرغم من انه كان للمسيحيين تمثيل أكبر من ذلك بكثير في الماضي مما هو عليه اليوم.
الطوائف الرئيسية
يمثل المسيحيون اليوم في إيران حوالي 300 الف نسمة. وقد تقلص عددهم من 5 بالألف إلى 1 بالألف منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
أدت ثورة الإمام الخميني إلى هجرة الكثير من المسيحيين خصوصاً بعد حرب الثماني سنوات مع العراق وصراع إيران مع الولايات المتحدة الأميركية اضافةً إلى ان توجهات الثورة الإسلامية نحو أسلمة المجتمع الإيراني والتي دفعت إلى أكثر من ثلثي مسيحي إيران للرحيل إلى الخارج.
الكنيسة الأرمنية
كنيسة الأرمن الأرثوذكس هي أكبر الطوائف المسيحية في إيران، ويتراوح عدد الأرمن الإيرانيين اليوم بين 130 و150 الفاً، موزعون بشكل متفاوت جغرافيا على ثلاث أبرشيات هي أصفهان ومُحافظة أذربيجان الشرقيَّة (مركزها تبريز) وطهران والتي تضم نحو 80 ألفاً من الأرمن الأرثوذكس الذين يشكلون الأكثرية الساحقة من المسيحيين في العاصمة، ويبلغ عدد الأرمن البروتستانت نحو 350 شخصاً والأرمن الكاثوليك 50 شخصاً. تناقص عدد هؤلاء مع الأعوام فهاجر قسم منهم لأسباب متعددة شبيهة بتلك السائدة في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومصر.
في أواخر القرن 17، سيطر الأرمن تقريبًا على كل التجارة الفارسية .[3] وأنشأ الأرمن شبكات تجارية واسعة والأرمن في مدن مثل بورصة، حلب، البندقية، ليفورنو، مرسيليا، وأمستردام.[4] وهكذا أصبح الأرمن المسيحيين النخبة التجارية في المجتمع الصفوي ومن خلال وجود رأس مال كبير أتاح للمسيحيين حرية دينية كبيرة فضلًا عن ثراء وسطوة.[5] في عام 1947 كتب المؤرخ فرناند بروديل أنه كان للأرمن شبكة تجاريّة واسعة امتدت من أمستردام إلى مانيلا في الفلبين. كثير من العلماء في أرمينيا قد عملوا في هذه الشبكة. لا تزال جولفا الجديدة منطقة ذات أغلبية مسيحيّة وأرمنيّة وتحوي على العديد من المدارس والمكاتب والكنائس الأرمنية، تتضمن الكنائس كاتدرائية فانك، وكنيسة بيت لحم في شارع نزار، كنيسة السيدة العذراء مريم في ساحة جولفا وكنيسة يريفان. شهد الحي هجرة مسيحية عقب الثورة الإيرانية الإسلامية منذ سنة 1979.
للأرمن عضوان في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، أحدهما عن أرمن طهران وشمال، والآخر عن أرمن أصفهان وجنوب إيران والأرمن تجار أغنياء، ولهم دور بارز في تطوير الصناعات الفنية الدقيقة الخاصة بالمجوهرات والآلات الدقيقة، ويساهمون في الصناعات البترولية.
يمارس الأرمن طقوسهم وتقاليدهم الدينية بحرية، وانطلاقاً من أن حقوق الأقليات محفوظة في الدستور لم يفرض على الطوائف والأديان غير الإسلامية فرائض مسلمة باستثناء الحجاب الذي أصبح نوعاً ما قانون دولة أو قانوناً مدنياً بتوجيه ديني . أمّا بالنسبة لمرجعية الأرمن فهي المطرانية، وتفضّل الدولة الإيرانية عدم تدخّل المسيحيين في شؤون المسلمين، لأنّه هنالك العديد من السلمين الإيرانيين ممن يرغبون بالتنصّر ويأتون للإستماع إلى القدّاس.
والجدير ذكره أنّ الأرمن بدأوا بنشر جرائدهم باللغة الأرمنية بدءاً من سنة 1794. وانتشرت جريدة "آليك" باللغة الأرمنية بدءاً من العام 1931 وهي لا تزال تصدر حتى اليوم، بالإضافة إلى صحف آراكس، آرارات، زيازان، بيام وأهاليك. كما يملك الأرمن عدة مجلات أدبية دوريّة.
وللأرمن في إيران حاليًا عشرات الكنائس والمدارس، ولهم عطلاتهم الرسمية ونواديهم الرياضية المجهزة بأحدث الأجهزة الرياضية، وجمعياتهم الخورية ومراكزهم الثقافية، ومعظم كنائسهم مسجلة في فهرس الآثار الإيراني الوطني. وهم يملكون 25 مؤسسة إجتماعية، ثقافية، رياضية، نسائية وصحية.
بالنسبة لمدارس الأرمن، يوجد في طهران 28 مدرسة من الروضة إلى الثانوية من اجمالي 50 مدرسة موجودة في كل إيران، ليس للمسلمين الحق في دخولها، اما الطلبة الأرمن فلا مانع من تسجيلهم في مدارس المسلمين. ويسمح بتدريس تاريخ أرمينيا ولغتها في بعض مدارس إيران خصوصًا في أصفهان وتبريز حيث لا يستقبل الا الطلاب الأرمن، مع اتباع المنهج الرسمي الذي تقره الدولة مضافا اليه التعليم المسيحي.
كما يوجد في طهران 19 جمعية إجتماعية وثقافية ارمنية، أبرزها "ارارات" التي تدير مركزاً ثقافياً يضم ألفي عضو، وينظم كل سنة العاباً أولمبية تجمع سنوياً رياضيين ارمن يفدون من كل أنحاء إيران. ويعيش الأرمن في إيران برفاهية، لأنهم جزء من الطبقة الوسطى والعليا الثريّة في البلاد.
الكنيسة الآشورية
يقدر عدد الآشوريين في إيران بحوالي 10,000 ويتبعون كنيسة المشرق الآشورية ولهم مدارسهم وجمعياتهم الخيريّة وروابطهم ونواديهم الرياضية الخاصة بهم في طهران العاصمة وأرومية وعدة مدن أخرى، ويمارسون نشاطهم السياسي في إيران بحيث يوجد مندوب واحد يمثلهم في مجلس الشورى الإسلامي. وتعتبر أرومية المركز الرئيسي للمسيحية الآشورية، وتقع أرومية غرب إيران، على الحدود العراقية- التركية.
بعد الحرب العالمية الثانية أسس الآشوريون في المناطق التي يقطنوها مجالس تحت أسم (موثبا) بالإضافة إلى جمعيات مختلفة واتحادات مثل اتحاد الطلبة الجامعيين الآشوريين واتحاد الشبيبة الآشورية. علمًا أنه لا توجد أحزاب آشورية في إيران.
يتمتع الأشوريون في إيران بالخدمات الآتية:
الخدمات البرلمانيّة: لديهم نائب واحد في مجلس الشورى الإسلامي.
الخدمات الكنسيّة: يبلغ عدد الكنائس الآشورية، او الاشورية الشرقيّة حوالي 59 كنيسة في مدينة أرومية فقط، وستاً في طهران .
الخدمات العلميّة والثقافيّة والترفيهية: إضافة إلى امكانيّة دخول أبناء هذه الطائفة إلى المدارس العامة، فان لديهم مدارس آشورية خاصة، أهمها مدرسة مريم للبنات، ومدرسة بهنام للبنين. ولهؤلاء 27 نشرة، و20 مركزًا ثقافيًّا واجتماعيَّا، و12 جمعية، واحدة للنساء، وأخرى للمهندسين وغير ذلك، ودار للعجزة. وفي كل سنة يأتي لزيارة هؤلاء زعيمهم الروحي، فيقيم بينهم شهر أو شهرين. هذا بالإضافة إلى " نادي الآشوريين" وهو نادي ليس تابعاً للكنيسة، بل تُقام فيه نشاطات ثقافية واجتماعية.
الكلدان
يبلغ عدد الآشوريين الكلدان حوالي 16,000 منهم 8,500 أتباع كنيسة الكلدان الكاثوليك. كما يوجد في إيران اليوم 8 كهنة كلدان، اثنان من أصل إيراني و3 أتوا من العراق، و2 من فرنسا وواحد ينتمي إلى كنيسة الملنكار الكاثوليك. أما الأرمن الكاثوليك، فلديهم كاهنان فقط آتيان من لبنان.
الكنيسة الكاثوليكية
لا يُعرفُ بالتحديد عددُ المؤمنينَ الكاثوليك في إيران، لكنّه يتراوحُ بينَ عشرةِ آلاف وخمسةٍ وعشرينَ ألفَ شخص، من أصلِ مجموعِ عددِ سكانِ الجمهوريةِ الإسلامية البالغ تسعةً وستين مليون نسمة تقريباً. وقد بين تقرير "كاثوليك نيوز سيرفيس" أنّ الكنيسة الكاثوليكية في إيران تُديرُ ثلاثَ مدارسَ تعلم فيها التعاليم الكاثوليكية.
تدار الكنيسة الكاثوليكية هذه باشراف لجنة من الاساقفة مكونة من 13 قسا،وهي تشمل ثلاث كنائس:
كنيسة الأرمن الكاثوليك: عددهم 12,000 ولديهم ثماني كنائس، وأربعة نواد رياضية ترفيهية، وستة مراكز تعليمية، ومقبرة خاصة.
كنيسة الكلدان الكاثوليك: تؤدي مراسمها العبادية باللغة الآشورية، ولهذه الكنيسة ثماني كنائس فعالة، ويبلغ عدد ـتباعها حاليًا 13,000.
الكنيسة الرومانية الكاثوليكية: هذه الكنيسة خاصة بالأجانب الذين أسسوها، عند وفودهم إلى إيران في مهمات رسمية، ويرجع تاريخها إلى سنة 1630 ميلادية. تُقام في هذه الكنيسة مراسم أيام الآحاد بشكل دائم، فيحضرها الفرنسيون والإيطاليون والهولنديون والبولونيون. يتراوح عدد أعضاء هذه الكنيسة بين الألف والألفين وخمسمئة نسمة، وترتبط بها 9 كنائس.
البروتستانتية
انطلقت الكنيسة الإنجيليّة المشيخيّة في إيران مع ارسالية بروتستانتية اميركية، وهي المجلس الاميركي (ABCFM) في العام 1832 والإنجيليون هم فرقة من البروتستانت (بروتستانت تعني المحتجين او المعارضين). ولم يكن في نية الارسالية المشيخية ومرسليها القيام بتنظيم كنيسة مستقلة، بل اطلقوا على ذاتهم اسم "الارسالية النسطورية" التي تم تنظيمها سنة 1834. وعمل المرسلون مع الكنيسة النسطورية من اجل اعادة احيائها وتقويتها وتنشيطها. ولقد رفضت الكنيسة النسطورية الإصلاح. واخيراً تأثر بعض اعضائها بالروح الانجيلية وانفصلوا عن الكنيسة القديمة وألفوا سبع رعايا بروتستانتية في مقاطعة رزايه (Rezaiyeh) وحولها، في شمال غربي إيران.
ونُظّمت الكنيسة المشيخية الاولى في العام 1862 وتلتها كنائس اخرى فيما بعد. وفي العام 1933، قامت الكنيسة الانجيلية في إيران بتنظيم ثلاث كنائس مشيخية، واعادت توزيعها حسب اللغة بدلاً من توزيعها جغرافياً. ونشأت عن الكنيسة المشيخية رعايا اضافية توزعت في مناطق مختلفة من البلاد وقد جمعت اناساً من الذين اعتنقوا المسيحية وكانوا من معتقدات دينية مختلفة. في العام 1963، اتخذت لنفسها اسم كنيسة إيران الانجيلية المشيخية.
التحوّل للديانة المسيحية
قالت مجموعة مراقبة الاضطهاد الأمريكية "فتح الأبواب"، انه بالرغم من الإجراءات الصارمة التي تستخدمها إيران ضد المسيحيين على اراضيها، الا انها لم تستطع ان تمنع نمو المسيحية في الدولة الشيعية، وان عدد المسلمين الذين يعتنقون المسيحية ارتفع بشكل خيالي وكأنه انفجار.
ووصل عدد المتحولين إلى المسيحية هذه الايام في إيران إلى 370,000 مؤمن، بعد ان كانوا 200 شخص فقط قبل 40 سنة. هذا بالاضافة إلى الكنائس التقليدية كالارمنية والسيريانية التي تضم اليها ما يقارب الـ 80,000 شخص.[7] ومنهم شخصيات سياسية معروفة فقد اشارت تقارير إلى ان كامران دانشجو وزير العلوم والأبحاث التقنية في إيران، تعمد في اليونان تحت اسم جورجيوس كامران كانشجو في 8 أيلول (سبتمبر) 1978، أي تم تحوله إلى المسيحية عندما كان طالباً في بريطانيا.
يعتبر اعتناق المسلم للديانة المسيحية جريمة في إيران ويعاقب عليها ولعل احدث قضية هي محاكمة يوسف نادرخاني هو قسيس بروتستانتي إيراني من مواليد عام 1977 من مدينة رشت في محافظة كيلان شمال إيران. اعتنق المسيحية عندما كان يبلغ التاسعة عشرة من عمره، وعمل منذ عام 2000 كقسيس لكنائس منزلية عدة غير مرخص لها، اعتقل عام 2009 وحكم عليه بالإعدام بتهمة الارتداد عن الإسلام عام 2010 . كذلك يمنع التبشير في إيران.