سر سكب الايرانيين الماء خلف المسافر
من اعمال الخير المستحبة التي يوصي بها الإسلام عند السفر اعطاء الصدقة اضافة الى قراءة آية من القرآن الكريم خاصة آية الكرسي المباركة.
أكثر الايرانيين فضلاً عن تطبيقهم لهذه الأعمال لديهم تقليد لطيف يضاف إليها هو سكب مقدار بسيط من الماء على الأرض خلف المسافر، معتقدين أنه يزيدهم اطمئناناً وأملاً بعودة مسافرهم سالما.
للوقوف على جذور هذا العمل نشير إلى قصة او واقعة حدثت، خلّفت هذا الاعتقاد، يضاف الى ما للماء من مكانة خاصة في حضارة وتراث الايرانيين.
الواقعة هي في فترة حكم الملك الساساني يزدجرد الثالث (224-651) للميلاد، وكان والي محافظة الاهواز (خوزستان) واسمه هرمزان. وقعت معركة القادسية بين العرب والايرانيين، وكان هرمزان احد قادتها، وبينما كان متواجداً في مدينة شوشتر، ونتيجة خيانة أحد قادته، تم التضييق على المدينة ما اضطر هرمزان الى اللجوء الى احدى القلاع ولكن لم يدم طويلاً حتى طلب الامان من أبي موسى الأشعري باستسلامه مقابل الابقاء على حياته، فأعطاه الأمان.
بعد ذلك ارسل الى المدينة لتقديمه الى عمر بن الخطاب ليقضي في أمره.
وعند عودتهم الى المدينة ألبسوا هذا الوالي (هرمزان) لباسه المكون من الحرير المحاك بالذهب ووضعوا على رأسه تاجه المرصع بالمجوهرات والمسمى (آذين) وارسلوه الى المسجد الذي كان فيه عمر نائماً وبعد استيقاظه جرى حديث بينهم، بعدها قضى عمر بقتله.
إلا أن هرمزان طلب منه قبل قتله إعطاءه ماءً ليشربه فوافق عمر، فأتوه بالماء. وما أن قرب هرمزان الماء الى فمه حتى تريث متأملاً في الماء، مادعى الى أن يسأله عمر عمن سبب تريثه وعدم شربه الماء، فأجاب هرمزان بأنه خائف وفزع من أن يقتلوه أثناء شرب الماء.
هنا أعطاه عمر الأمان بعدم قتله قبل شربه الماء، وما إن أخذ هرمزان هذا العهد من عمر حتى أبدى كياسة، اذ بعمل ذكي وفطن أسقط من يده قدح الماء على الأرض فانسكب الماء.
فأحس عمر انه غلب امام ذكاء وفراسة وكياسة وحدة ذهن وسياسة الايرانيين، فلم يجد بدّاً سوى الإذعان للوفاء بالعهد الذي قطعه معه فتخلى عن قتله.
وهذا ما رسّخ اعتقاداً عند الايرانيين بأن فلسفة سكب الماء على الارض ستعطي حياة او أملاً برجوع مسافرهم اليهم سالما.