موقع «تخت سليمان» الأثري
تعد معلم «تخت سليمان» الأثري في مدينة تكاب بآذربيجان الغربية من اكثر الحواضر التاريخية في ايران وحتى العالم أهمية وشهرة، فضلاً عن أن هذا المعلم هو من ضمن المواقع الايرانية الاثرية المسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
هذا الموقع الثقافي التاريخي الذي تبلغ مساحته 124 الف متر مربع، كان في القرون الخالية موطن الميديين والأشكانيين (البارتيين) والساسانيين وحتى المغول، ناهيك عن أنه ورد في بعض المصادر التاريخية أن هذه المنطقة كان مسقط رأس النبي زرتشت.
الجاذبيات الطبيعية التي يحظى بها وادي «تخت سليمان» الأخضر فريدة في نوعها في أرجاء المعمورة. على بعد ثلاثة كيلومترات من غرب تخت سليمان، يطالعنا جبل مخروطي الشكل فارغ الجوف ظهر جراء وقوع بركان في المنطقة قبل آلاف السنين، حيث يسمي الأهالي هذا الجبل الرائع «سجن سليمان» او «سجن العفريت»، ويظنون أن النبي سليمان (ع) كان يسجن العفاريت الذين يتمردون على أوامره.
قلعة تخت سليمان التاريخية التي يعود بناؤها الى العهد الساساني هي من المواقع التاريخية المهمة في العالم. هذه القلعة تتضمن أقساماً مختلفة منها: معبد نار «آذر غشسب» الذي يعدّ من أهم معابد النار في العصر الساساني ومعبد نار الملكي وغرفة المقاتلين وايوان خسرو ومعبد آناهيتا ومعابد نار صغيرة فضلاً عن بواباتها وجدرانها الحصينة.
معلم «تخت سليمان» الأثري كان قبل الاسلام اكبر مركز تعليمي ديني اجتماعي، ومعبداً للايرانيين؛ بيد أنه في عام 624 الميلادي تم هدمه إثر هجوم شنه الامبراطور الروماني هرقل على ايران.
ان استخدام أحجار مصقولة وانواع من الطابوق الكبير في تشييد هذا القصر التاريخي اضافة الى بحيرة عجيبة جارية تتوسط هذا البناء والتي يصل عمقها الى 112 متراً؛ كل ذلك أضفى جمالاً اضافياً على هذا الموقع الأثري.
ومن اللافت ان درجة حرارة المياه في هذه البحيرة في فصلي الصيف والشتاء تقرب من 21 درجة مئوية، ما يثبت علمياً أن مياه هذه البحيرة تتوفر من مصدر مائي يجري في عمق كبير من الأرض.
في عهد حكومة الايلخانية وتحديداً في عصر حكومة آقاخان المغولي في القرن السابع الهجري، كان تخت سليمان عبارة عن متنزه صيفي. هذا الحاكم المغولي ومن خلال انشاء أبنية مختلفة مثل قاعة الشورى والايوان الشرقي ومبان على شكل ثمانية الأضلاع واثني عشر ضلعاً، منح مرة أخرى مجموعة تخت سليمان التاريخية في تكاب، حياة جديدة.
أخذت عين ماء تخت سليمان تجري منذ آلاف السنين الى يومنا هذا، ومازال يستمر تدفق مياهها طيلة هذه القرون المتمادية؛ مما خلف ترسبات كيميائية على شكل مزهرية تعلو فوهة العين الخارجية، واستمرت هذه الوتيرة الكيميائية حتى تشكلت هضبة يصل ارتفاعها من قاع البحيرة الى القسم العلوي منها الى نحو 112 متراً.
يذكر أن معابد النار الساسانية ليست تشبه المعابد اليونانية أو الرومانية، وانما هي عبارة عن معابد مقدسة في ايران القديمة. وتختلف الأشكال المعمارية في بناء هذه المعابد بدءاً من معابد ذات طيقان أربعة وصولاً الى معابد نار ذات فناءات كبيرة.
كما يشبه معبد آناهيتا في مجموعة تخت سليمان الأثرية، يشبه الى حد كبير معبد آناهيتا في نيشابور، فيما يشبه القصر والقاعة الملكية في هذه المجموعة ايضاً، ايوان المدائن، غير أنهما أصغر منه.